قد استمرت الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واسع النطاق لأكثر من خمسة أشهر، غير أن مستقبلها ما زال غامضا، وتداعياتها تستمر في التمدد. ويشهد قطاع غرة كل يوم مأساة إنسانية غير مسبوقة، وهذه المأساة في غزة تعد مأساة للبشرية جمعاء. في القرن الـ21، كيف يتفرج الناس على هذه الكارثة الإنسانية الخطيرة مكتوفي الأيدي؟ متى سيعود السلام إلى غزة، وهي الأرض التي عانت مما يكفيه من المأساة؟
لم يبق في غزة سوى الخراب والدمار والوضع الخطير، وتشكل الأنقاض في كل مكان الصورة الحقيقية لغزة اليوم، ويكتظ الشوارع بالسكان الجائعين والنساء الصارخات والأطفال النحفاء، ولم يسلم أي منزل مدني ومستشفى ومدرسة ومخيم اللاجئين من القصف المدفعي العشوائي بلا رحمة، وأصبحت المياه والأغذية والأدوية بعيدة المنال، وصار البقاء على قيد الحياة أكثر ما يتطلع إليه أهالي غزة، ويمكن القول إن مأساة غزة تعصر قلوب الجميع. مع حلول شهر رمضان المبارك للمسلمين، ستزداد عناصر عدم الاستقرار للوضع في غزة. في وجه هذه الظروف المأساوية، صرّح الدكتور تيدروس أدحانوم غيبرييسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية بألم شديد: "إن معظم الضحايا من النساء والأطفال، ولا بد من إنهاء هذا العنف والمعاناة المروعة!" وأنهى الجندي الأمريكي آرون بوشنل حياته الشابة بإضرام النار على نفسه، الأمر الذي يشكل صرخة مدوية احتجاجا على المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
عندما يُطبق الحكم الرشيد، يكون العالم للجميع. في هذا السياق، دعا وزير الخارجية وانغ يي في المؤتمر الصحفي على هامش "الدورتين" للعام الجاري المجتمع الدولي مجددا إلى التحرك بشكل عاجل، واتخاذ الوقف الفوري لإطلاق النار كالمهمة ذات الأولوية القصوى فوق كل الاعتبارات، واتخاذ ضمان الإغاثة الإنسانية كمسؤولية أخلاقية لا تحتمل أي تأخير، مؤكدا على حق سكان غزة في البقاء في هذا العالم، وحق النساء والأطفال في الاستمتاع بعناية الأهالي، وضرورة الإفراج عن جميع المحتجزين ووقف جميع الاعتداء على المدنيين. ولقيت نداءات الصين العادلة تجاوبا متزايدا من المجتمع الدولي، ودعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي بكل وضوح إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما أظهرت نتائج التصويت في مجلس الأمن أن وقف إطلاق النار قد أصبح التوافق للأغلبية الساحقة لأعضاء مجلس الأمن والتطلع المشترك للمجتمع الدولي. لكن من المؤسف أن هناك دول قليلة تغض النظر عن حياة الآخرين، وتصر على التلاعب بحساباتها السياسية، وتخلف وعودها الرنانة وتسيء استخدام حق النقض مرارا وتكرارا في التصويت بمجلس الأمن الدولي، مما بدّد آمال السلام.
رغم أن الطريق طويل ومتعرج، غير أن أصحاب العزيمة سوف يصلون إلى مبتغاهم. في وجه الأوضاع الدولية التي تتشابك فيها التغيرات والاضطرابات، تعتزم الصين أن تكون قوة السلام والاستقرار والتقدم في العالم، وتقف بكل ثبات إلى الجانب الصحيح للتاريخ وإلى جانب تقدم الحضارة البشرية. إن المحنة في غزة أنذرت البشرية مجددا بأنه لا يجوز تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة والبقاء والعودة، ولا يجوز استمرار الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني جيلا بعد جيل! ويكمن المخرج الجذري لدوامة الصراع في تنفيذ "حل الدولتين" واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وإقامة دولة فلسطين المستقلة. ولن يتمتع الشرق الأوسط بالسلام والاستقرار الدائمين بدون إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية. وتدعم الصين فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام على نطاق أوسع وبمصداقية أكبر وفعالية أكبر، لوضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لتنفيذ "حل الدولتين"، ودفع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئناف مفاوضات السلام في أسرع وقت ممكن، بما يحقق التعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل وبين الأمتين العربية واليهودية في يوم مبكر. نظرا لأن الأزمة ليست وليدة اليوم، فلن تُحل الأزمة بين ليلة وضحاها. لا شك أن طريق المصالحة بين فلسطين وإسرائيل سيكون طويلا ومتعرجا، غير أنه لا يشكل الذريعة لتأجيله إلى أجل غير مسمى. طالما يظهر المجتمع الدولي العزيمة ويتحرك على الأرض، سيترسخ الأساس للسلام بشكل تدريجي.
نؤمن بل ونتطلع بكل صدق، أنه بفضل الجهود الدؤوبة للمجتمع الدولي، ستنتصر الإنسانية وتتحقق العدالة في نهاية المطاف، وسيتلاشى دخان الحرب المخيم على قطاع غزة، وستعود أشعة الشمس مجددا! وسنرى الابتسامة على وجوه نساء غزة ونسمع أغنية أطفال غزة الفرحة كل يوم في المستقبل!
领取专属 10元无门槛券
私享最新 技术干货